صراع نفوذ محتدم بين عمالتي الناظور والدريوش حول مصنع توربينات الرياح

هبة بريس – محمد زريوح

في قلب منطقة التسريع الاقتصادي لميناء الناظور-غرب المتوسط، حيث تم يومه الأربعاء 28 ماي 2025 تدشين أول معمل لصناعة شفرات توربينات الرياح، يشتعل جدل محتدم حول الجهة الحقيقية المستفيدة من هذا الاستثمار الضخم.

المشروع الذي يُفترض أن يكون متنفسًا اقتصاديًا لإقليمي الناظور والدريوش، يثير تساؤلات حاسمة بشأن توظيف اليد العاملة المحلية، وسط مخاوف متزايدة من غياب أبناء المنطقة واستقدام مستخدمين من دول أجنبية ومدن أخرى.

الصراع بين الناظور والدريوش يظهر بشكل واضح في حسابات الاستفادة من فرص العمل التي وعد بها المشروع، حيث تجاوزت الوظائف المعلن عنها الألفي منصب، لكن الواقع الفعلي يشير إلى توظيف عدد محدود جداً من أبناء الإقليمين، فيما غزت أيدي أجنبية ومحلية من خارج المنطقة سوق العمل بالمصنع. هذا الوضع يطرح علامات استفهام كبيرة حول جدوى المشروع في المساهمة الفعلية في تخفيف معدلات البطالة المزمنة والهجرة التي تضرب المنطقة.

ولا يقتصر الصراع بين الإقليمين على فرص الشغل فقط، بل يمتد ليشمل المنافع المادية والسياحية والسيطرة الإدارية على المشروع. إذ يتنافس الناظور والدريوش على من سيجني العائدات الاقتصادية الأكبر ومن سيُمسك بزمام الأمور على مستوى تدبير المشروع وتأثيره المحلي، مما يزيد من تعقيد الوضع ويثير توترات إقليمية غير مسبوقة.

غياب التوظيف المحلي في هذا المشروع العملاق ليس فقط خيبة أمل لأبناء الناظور والدريوش، بل يشكل ضرباً صارخاً لآمالهم في استغلال هذا الاستثمار لتحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية. إذ تُسجل حركات احتجاجية ومطالبات متكررة للمسؤولين المحليين بضرورة احترام الأولويات في تشغيل اليد العاملة المحلية، وهو ما لم يلق آذاناً صاغية حتى الآن.

هذا الوضع يعكس أزمة أعمق ترتبط بفجوة حقيقية في نقل التكنولوجيا والتكوين المهني داخل الإقليمين، حيث لا يُستثمر بشكل كافٍ في تأهيل الشباب المحلي لمواكبة متطلبات هذا القطاع الصناعي الحديث. ومن هنا، جاء توظيف أجانب ومن خارج المنطقة كحل بديل سريع، لكنّه في الوقت ذاته يُعمق فجوة التنمية ويزيد من إحساس الإقصاء لدى السكان المحليين.

في ظل هذه المعطيات، يتضح أن المشروع رغم ضخامته المالية ومكانته الصناعية، لم يحقق الأهداف الاجتماعية المنشودة في الإقليمين. إذ أن استفادة الأجانب والوافدين من المدن الكبرى على حساب أبناء الناظور والدريوش يضع علامات استفهام كبيرة على مدى جدية التزام المستثمرين والسلطات المحلية بحق التنمية الشاملة والمستدامة.

ختاماً، يبقى التحدي الأكبر هو إعادة ترتيب أولويات تشغيل اليد العاملة لتشمل أبناء الإقليمين، عبر سياسات واضحة وحقيقية للتكوين المهني والتوظيف، تضمن ألا يتحول المشروع إلى مجرد استثمار بعيد عن تطلعات الشباب المحلي، وأن يكون له أثر إيجابي ملموس يوقف نزيف البطالة والهجرة في الريف.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى