غموض حزب الشعب الإسباني حول الصحراء يثير قلق الرباط

سعيد الحارثي مدريد

تعيش العلاقات المغربية الإسبانية مرحلة دقيقة من الترقب، في ظل تصاعد الغموض الذي يطبع موقف الحزب الشعبي الإسباني (PP) تجاه قضية الصحراء المغربية، ما أثار قلقا متزايدا في الرباط.

يعود أصل هذا التوتر إلى لقاء جمع بين رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، وزعيم الحزب الشعبي ألبرتو نونيث فيغو، في ماي 2022، حيث رفض الأخير الالتزام صراحة بدعم خطة الحكم الذاتي التي تبنتها الحكومة الاشتراكية بقيادة بيدرو سانشيز. وقد صرح فيغو حينها: “لا أعلم ما هي التعهدات التي يُطلب مني احترامها”، فيما فُسر في الرباط كتراجع واضح عن موقف إسبانيا الرسمي، الذي اعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي “الأكثر جدية وواقعية ومصداقية”.

تخشى الدوائر السياسية في المغرب أن يكون هذا الغموض تمهيدا لتغيير جذري في السياسة الخارجية الإسبانية تجاه الصحراء، خاصة في حال عودة الحزب الشعبي إلى الحكم. وما زاد من حدة الانزعاج المغربي، دعوة الحزب الشعبي لممثل جبهة البوليساريو عبد الله العربي لحضور إحدى فعالياته، ما اعتبرته الرباط استفزازا غير مبرر.

في هذا السياق، بادر حزب الاستقلال المغربي، الشريك في الحكومة، إلى مراسلة الحزب الشعبي الإسباني، معبرا عن قلقه من هذه المواقف الغامضة، ومحذرا من أنها قد تؤثر سلبا على مستقبل التعاون الثنائي. وفيما لم تُصدر وزارة الخارجية المغربية موقفا رسميا حادا، فقد أوصلت رسائل دبلوماسية واضحة مفادها أن الوحدة الترابية للمغرب ليست محل تفاوض أو مزايدة حزبية.

يشير بيان سياسي حديث للحزب الشعبي إلى تمسكه بـ”حل تفاوضي يحترم قرارات الأمم المتحدة ولا يفرض الأمر الواقع”، دون أن يتضمن دعما صريحا للمبادرة المغربية. وهذا ما تعتبره الرباط تراجعا عن الموقف الإيجابي الذي أبدته حكومة سانشيز سنة 2022.

أثبتت السنوات الأخيرة نجاح الدبلوماسية المغربية في حشد الدعم الدولي لخطة الحكم الذاتي، إلا أن التحولات السياسية في إسبانيا تفرض على الرباط توسيع قنوات التواصل ليس فقط مع الحكومات، بل مع الأحزاب والتيارات المؤثرة، لضمان استمرارية المكتسبات.

قضية الصحراء المغربية لا يمكن أن تخضع لحسابات انتخابية داخلية في إسبانيا. المغرب واضح في مواقفه، وعلى شركائه احترام التزاماتهم. إن أي انزلاق أو غموض في الخطاب السياسي الإسباني سيكون له ثمن دبلوماسي، لأن الوحدة الترابية للمملكة المغربية خط أحمر، ومكسب لا رجعة فيه



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى