منع كمال داوود من دفن والدته يفجر موجة غضب واسعة ضد النظام الجزائري

هبة بريس

خلقت وفاة والدة الكاتب الجزائري الفرنسي كمال داوود موجة تضامن واسعة، بعد أن كشف عن عجزه المؤلم عن العودة إلى بلده الجزائر لتوديع والدته، التي توفيت يوم الجمعة 11 يوليوز 2025، بسبب خوفه من الاعتقال من طرف النظام الجزائري، في سيناريو مشابه لما جرى مع الكاتب بوعلام صنصال، القابع في السجون الجزائرية منذ نونبر 2024.

قمع تمارسه السلطات الجزائرية في حق المثقفين المستقلين

كمال داوود، الفائز بجائزة غونكور 2024، عبّر عن ألمه الكبير من خلال تدوينة مؤثرة نشرها على حسابه في منصة “إكس”، جاء فيها: “إلى تبون، كمال سيدي السعيد، بلقايم وإلى الآخرين: هناك أيام لا تمحى من الذاكرة. اليوم ماتت أمي. لا أستطيع توديعها، ولا بكاءها. لا رؤية جثمانها ولادفنها. لأنكم تمنعوننني من أهلي. وتمنعون عني العودة إلى بلدي،  الذي ليس ملكا لكم”.

هذه الكلمات القاسية كانت بمثابة صرخة إنسانية من كاتب ملاحق بسبب قلمه، سلطت الضوء من جديد على القمع الذي تمارسه السلطات الجزائرية في حق المثقفين المستقلين.

وقد خلّف هذا التصريح ردود فعل غاضبة ومتضامنة من شخصيات ثقافية وحقوقية فرنسية ودولية، رأت في حرمان داوود من توديع والدته دليلاً آخر على قسوة النظام واستبداده.

فقد كتب فرحات مهني، رئيس حكومة القبائل في المنفى، في رسالة تضامن: “خالص التعازي لكمال داوود… نحن كقبائل نعرف هذا الألم جيدًا. كثيرون حُرموا منا من حق دفن أحبائهم في الوطن”.

الديكتاتورية الجزائرية

من جهته، علّق أرنو بِنديديتي، أحد الداعمين لملف بوعلام صنصال، قائلاً: “الديكتاتورية الجزائرية تمنع داوود من العودة إلى وطنه. إنه زمن تُضاف فيه وحشية الدولة إلى وجع الفقد”.

وفي تعليق ساخر، كتب الكاتب أمين الخاتمي مهاجماً الخطاب الرسمي الجزائري: “ريما حسن تكرر أن الجزائر هي مكة الحريات… في الواقع، كمال داوود لا يستطيع حتى الترحم على والدته من دون أن يخاطر بمصير مشابه لصنصال”.

أما مارِيكا بريت، المديرة السابقة للموارد البشرية في شارلي إيبدو، فقد نشرت رسالة دعم قالت فيها: “كل الدعم لكمال داوود، الكاتب النبيل الذي يواجه وحشية نظام أسود، نظام يعاقب أبناءه إذا فكّروا أو كتبوا بحرية”.

التضامن الدولي المتصاعد مع داوود

ويُعد داوود من أبرز الأصوات الأدبية الجزائرية المعروفة بمواقفها الجريئة، وقد تعرّض خلال السنوات الأخيرة لحملة تضييق منظمة من قبل النظام بسبب نقده الصريح لنظام العسكري ومؤسساته، ليصبح من الأسماء المزعجة في الداخل والخارج.

وقد سبق للسلطات الجزائرية أن أصدرت مذكرتي توقيف دوليتين في حقه، في حين يواجه في فرنسا دعوى قضائية ذات طابع سياسي، ما يجعل أي محاولة للعودة إلى الجزائر محفوفة بالمخاطر، خاصة بعد النموذج الصادم لاعتقال بوعلام صنصال، الذي زار الجزائر لبضعة أيام فقط قبل أن يُزج به في السجن بسبب تصريحاته.

هذا التضامن الدولي المتصاعد مع داوود وصنصال يأتي في ظل تزايد الانتقادات الحقوقية الدولية للنظام الجزائري، في وقت تتواتر فيه التقارير عن تراجع خطير في حرية الصحافة والتعبير، واستمرار استهداف الأصوات الحرة، من مفكرين، صحفيين وكتاب، في مشهد يعكس واقع دولة تعاقب أبناءها على التفكير المستقل.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى