
تزوير جديد للتاريخ.. الجزائر تدّعي خوض معركة وقعت قبل ولادتها في 1962
هبة بريس
في خطوة تكشف عن حجم الهوس المرضي الذي يعانيه النظام العسكري الجزائري في محاولته صناعة تاريخ وهمي من العدم، نشرت وزارة الدفاع الجزائرية على موقعها الرسمي وثيقة تتحدث عن “تاريخ الجيش الوطني الشعبي الجزائري”، تزعم فيها دون حياء أن هذا الجيش المزعوم شارك في معركة زاما سنة 202 قبل الميلاد، أي قبل أكثر من ألفي عام من نشأة كيان اسمه “الجزائر” أصلاً.
صناع البروباغندا الجزائرية
هذا العبث بالتاريخ، والذي لا يمكن تفسيره إلا كعرض من أعراض فقدان البوصلة الهوياتية، يجسد الوجه الحقيقي لنظام لم يَبنِ دولة بل بنى وهماً، ويحاول يائساً ملء فراغه التاريخي والرمزي بسرقة تراث الغير وتزييف الوقائع.
ففي الوثيقة “التعريفية” التي لا تمت للتعريف بصلة، تجرّأ صناع البروباغندا الجزائرية على ادعاء أن الجيش الجزائري شارك في الحرب البونية الثانية، وتحديداً في معركة زاما إلى جانب الملك ماسينيسا، متغافلين أن لا وجود لشيء اسمه “الجيش الجزائري” ولا حتى “الجزائر” نفسها في تلك الحقبة.
الحقيقة التاريخية الموثقة تؤكد أن معركة زاما كانت بين القائد القرطاجي حنبعل والجنرال الروماني سكيبيو، وكان ماسينيسا حينها مجرد حليف للرومان، لا يمت بأي صلة لكيان أو جيش جزائري خيالي. لكن يبدو أن النظام الجزائري الذي أُسّس عام 1962، لا يطيق الاعتراف بأنه وليد اتفاق دولي (إيفيان) وليس امتدادًا لحضارة أو مشروع وطني مستقل.
الخرافة الرسمية
هذه الخرافة الرسمية ليست سوى انعكاس لانعدام الثقة بالنفس الذي يُمزق نخاع النظام الحاكم، ودليل قاطع على عقدة النقص التاريخية التي تدفعه إلى صناعة تاريخ مزور على مقاس دولة لم تكن.
فالتزوير هنا ليس مجرد خطأ، بل سياسة ممنهجة، تحركها غريزة بقاء نظام فاقد للشرعية الشعبية، ومقطوع الجذور عن أي عمق حضاري حقيقي.
إننا أمام نظام يعيش حالة إنكار وجودي، يحاول أن يغطي على فشله المتراكم داخليًا وعزلته خارجيًا، باختلاق بطولات تاريخية زائفة، لا تختلف في مضمونها عن القصص الأسطورية، لكنها في حقيقتها مجرد دليل إضافي على الانهيار الأخلاقي والفكري لمؤسسات دولة بنيت على الوهم.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X